تخطى إلى المحتوى

أين يتجه سعر الدولار بالسوق الموازية في ظل الظروف الراهنة؟

أين يتجه سعر الدولار

نورالدين حبارات يكتب:  أين يتجه سعر الدولار بالسوق الموازية في ظل الظروف الراهنة؟ 

 

أين يتجه سعر الدولار :كتب الخبير الاقتصادي نورالدين حبارات قراءة تحليلية اقتصادية من واقع أرقام و بيانات رسمية, شهد سعر الدولار الأمريكي أمام الدينار الليبي في السوق السوداء خلال الأونة الأخيرة تذبذب ثارة ارتفاع و ثارة أخرى انخفاض قبل أن يتخد منحى تصاعديا اقترب من 6 دينار للدولار وهو الأعلى له منذ عام ونصف تقريبا متاثرا وبشكل مباشر بإنهيار الإيرادات النفطية مصدر البلاد الوحيد من عملاتها الأجنبية والتي خسرت أكثر من 4 مليار دولار منذ إيقاف التصدير في الثامن عشر من يناير الماضي وفق لبيانات رسمية عن مؤسسة النفط.

ونتيجة لذلك اضطر معها المركزي في الخامس من مارس المنصرم لإيقاف منظومة بيع النقد الأجنبي بهدف تقليل الطلب على الدولار ومحاولة الحد من إستنزافه وفي سبيل ذلك اقترح من جانبه رفع “الضريبة على مبيعات النقد” بهدف إطفاء الدين العام و ضمان إستدامة التمويل حيث سيمول المركزي قرابة 0/070 من قيمة الترتيبات المالية للعام الحالي المقدرة ب 38،5 مليار دينار معتبرا رفع الضريبة شرط أساسي لإستئناف بيع النقد الأجنبي.

هذا الأمر رفضه الرئاسي معللا بإن هذا الإجراء سيؤدي إلى تفاقم معاناة المواطنين في ظل هذه الظروف ما أدى إلى تفجر الخلاف بينهما والذي وصل إلى حد التراشق الإعلامي وتبادل الإتهامات بينهما متجاهلان مسألة أين يتجه سعر الدولار قبل أن يتم إحتواءه ولو مؤقتا من خلال استئناف “منظومة الاعتمادات المستندية” وفق السعر الحالي بإقتصارها على السلع الأساسيةً فقط حيث ألقى هذا الإجراء بضلاله على سعر الدينار الذي فقد اليوم قرابة 0/033 من قيمته بعد أن أستقر سعره في المتوسط بين 4،30 و4،10 دينار الدولار العام الماضي.

قبل الخوض في صلب موضوع أين يتجه سعر الدولار يجب الإشارة إلى شيئين فالأول هو إن عند الحديث عن ارتفاع سعر الدولار فإننا نعني وفي نفس الوقت انخفاض سعر الدينار والعكس صحيح، و الشيئ الثاني إن هناك محددات أو بالأحرى عوامل تؤثر في سعر الدينار أمام الدولار بالانخفاض و الارتفاع أبرزها “حجم الإنفاق العام” و “العجز في الميزانية” و “حجم الدين العام” و “الفائض” أو “العجز في ميزان المدفوعات” و”حجم المعروض النقدي” و”الاحتياطيات المالية للحكومة والمركزي” كذلك “حجم الناتج المحلي” و”معدلات النمو” إلى جانب “حجم الصادرات والواردات” و”معدلات التضخم” وكذلك “حجمً تدفق رؤوس الأموال الأجنبية” و”سعر الفائدة” رغم إن هذان العاملان لم يعد لهم أي ثأثير في ظل الظروف الحالية خاصة إن العامل الأخير قد تم تجميد العمل به بموجب القانون رقم ( 1) لسنة 2013 م بشأن منع المعاملات الربوية، كما إن هناك عوامل أخرى لها ثأثيراتها ويجب أخذها في الاعتبار كحالة الإستقرار العام و الاضطرابات السياسية والحروب و الكوارث الطبيعية وتفشي الأوبئة.

لمعرفة أين يتجه سعر الدولار او الاتجاه المتوقع أن يأخذه سعر الدولار في المستقبل القريب فإن الأمر يتطلب التعريج على اتجاهاته خلال السنوات العشر الماضية بإعتبار كل سنة لها ظروفها وخصوصيتها مع الأخذ في الاعتبار العوامل المذكورة سلفا.



1- في 2010 م وما قبلها حافظ الدينار على قيمته في السوق الموازية حيث استقر عند 1،33 دينار للدولار والسبب في ذلك ازدهار (إيرادات النفط وانتعاش أسعاره) التي بقت فوق عثبة 100 دولار للبرميل مما انعكس إيجابيا على الإحتياطيات المالية للحكومة “الأموال المجنبة” كما إن الدين العام كان محدود وكذلك الإنفاق العام والتحويلات الخارجية لأعراض العلاج والدراسة و السفارات بالخارج قياسا بما هو عليه اليوم أما العجر في الميزانية فلا وجود له و المعروض النقدي في نهاية هذا العام (2010) بشقيه لم يتجاوز 7،605 مليار دينار فيما يخص النقود خارج النظام المصرفي في حين بلغ حجم “الودائع تحت الطلب الحسابات الجارية” قرابة 33،703 مليار دينار لكن الأهم من كل ذلك هو حالة الاستقرار العام و فرض السلطة أو الحكومة أنداك سيادتها على كامل أراضيها.

2- خلال العام 2011 م و رغم إن هذا العام اسثتنائي فإنتاج “النفط” توقف بشكل شبه كامل في ظل الأحداث الثي شهدتها البلاد فإن سعر الدولار لم يتجاوز حاجز 1،85 دينار والسبب هو (العقوبات الاقتصادية والمالية) التي فرضها مجلس الأمن والتي طالت حتى الإستيراد الذي تقلص على إثره و بشكل كبير الطلب على الدولار في حين أقتصر الطلب على أغراض السفر و العلاج في دول الجوار، و الإنفاق العام معظمه في هذا العام تم على المرتبات.

3- في العام 2012 م استعاد الدينار قيمته المعتادة والتي سجلها عند 1،33دينار للدولار والسبب هو استئناف تصدير النفط التي بلغت إيراداته قرابة 53،181 مليار دولار إلى جانب رفع التجميد عن أصول المركزي التي قدرت حينها ب 110 مليار دولار والذي لم يضع بدوره أي قيود على استخدام “النقد الأجنبي” حيث بلغت المدفوعات الدولارية في شكل اعتمادات مستندية و حوالات قرابة 40،749 مليار دولار و بالتأكيد انعكست هذه الإجراءات إيجابيا على معدلات التضخم رغم إن الإنفاق العام ناهز 64 مليار د.ل و المعروض النقدي بشقيه أرتفع حيث بلغ حجم النقود خارج النظام المصرفي قرابة 14،840 مليار د.ل في حين بلغ حجمه داخل النظام المصرفي(الودائع تحت الطلب) ما يقارب من 33.597 مليار د.ل.

4- في 2013م رغم إن هذا العام شهد توقف معطم إنتاج النفط في منتصفه الثاني فإن الدينار أستقر وحافظ على قيمته أمام الدولار عند 1.40دينار للدولار والسبب يرجع إلى انتعاش أسعار النفط وارتفاع معدلات إنتاجه في النصف الأول حيت بلغت الإيرادات النفطية قرابة 40،665 مليار دولار علاوة على استخدام المركزي لجزء من احتياطياته تقدر ب 6،233 مليار دولار لمواجهة الطلب المتزايد على السلع حيث بلغت المدفوعات الدولارية قرابة 46.358 مليار دولار و بالتأكيد انعكست هذه الإجراء حينها إيجابيا على الأسعار رغم إن الإنفاق العام ناهز من 65 مليار د.ل و المعروض النقدي بشقيه بلغ 13،419 مليار د.ل خارج النظام المصرفي و 50،879 مليار د.ل بداخله.

5- في 2014 م و رغم هبوط (الإيرادات النفطية) إلى 15،624 مليار دولار نتيجة لإستمرار توقف معظم إنتاج النفط فإن الدينار حافظ وإلى حد ما على قيمته أمام الدولار التي سجلت مع نهاية هذا العام عند 1،55 دينار للدولار والسبب في ذلك يرجع لإستخدام المصرف المركزي لجزء كبير من احتياطياته تقدر ب 23،328 مليار دولار حيث المدفوعات الدولارية قاربت من 38،953 مليار دولار ولذلك انعكست هذه الإجراءات إيجابيا على الأسعار مع ملاحظة إن الإنفاق العام تقلص إلى 44 مليار د.ل و المعروض النقدي بشقيه ارتفع حيث بلغ 17،174 مليار د.ل خارج النظام المصرفي و 49,557 مليار د.ل بداخله.

6-مع بداية 2015 م بدء الدينار يفقد تدريجيا جزء من قيمته إلى أن بلغت 3،10 دينار للدولار مع نهايته و السبب هو انهيار إلايرادات النفطية التي بلغت قرابة 7،608 مليار دولار نتيجة لتراجع الأسعار مما أدى إلى فرض المركزي قيود على إستخدامات “النقد الأجنبي” رغم سحبه لمبالغ من الإحتياطي بقيمة 12،321 مليار دولار ثمتل قيمة العجز في ميزان المدفوعات وذلك لمواجهة الطلب المتنامي على السلع التي بدأت أسعارها في الارتفاع فإجمالي المدفوعات الدولارية بلغت 20،913 مليار دولار فقط، و في الجانب الأخر ناهز العجز في الميزانية من 22 مليار د.ل كما ارتفع المعروض النقدي بشقيه حيث بلغ 23،007 مليار د.ل خارج النظام المصرفي و 53،775 مليار د.ل بداخله لتتفجر على أثره أزمة السيولة.




7- في 2016م تدهورت قيمة الدينار بشكل كبير حيث لامست 9 دينار للدولار مع نهاية العام و قرابة 13 دينار للدولار بموجب الصكوك والسبب في ذلك يرجع إلى انهيار أكثر للإيرادات النفطية التي هوت إلى 4،781 مليار دولار إلى جانب تشديد المركزي للقيود على النقد الأجنبي وذلك بهدف الحد من نزيف الإحتياطي الذي تراجع بشكل ملحوظ رغم سحبه قرابة 7،729 مليار دولار من رصيده وهذا لم يكن كافي لمواجهة الطلب المتزايد على السلع التي ارتفعت أسعارها بشكل كبير قياسا بمستوياتها في 2015 م و في الجانب الأخر بلغ العجز في الميزانية قرابة 21 مليار د.ل مما تزايد معه الدين العام و المعروض من النقد أرتفع أكثر بشقيه حيث بلغ 27,103 مليار د.ل خارج النظام المصرفي و بلغ 67،505 مليار د، ل بداخله مما تفاقمت بسببه أكثر أزمة السيولة.

8- في 2017 م استعاد الدينار جزء بسيط من قيمته التي تراوحت في الغالب بين 8 إلى 8،5 دينار للدولار والسبب هنا يرجع إلى التعافي النسبي لإيرادات النفط نتيجة لاستئناف التصدير بنصف طاقته المعتادة وإلى سياسة تخفيض الإنتاج لدعم الأسعار التي تبنتها أوبك وروسيا، حيث بلغت الإيرادات النفطية قرابة 13.419 مليار دولار وبالتأكيد ساهمت إجراءات ضخ الدولار في هذا العام في شكل مخصصات لأرباب الأسر بقيمة 2،400 مليار دولار في تعافي طفيف لقيمة الدينار وفي الجانب الأخر تزايد أكثر المعروض النقدي بشقيه حيث بلغ 30 مليار د.ل خارج النظام المصرفي و بلغ 78،223 مليار د.ل بداخله لتبقى أزمة السيولة على حالها.

9- في العام 2018 م استعاد الدينار جزء أخر من قيمته التي تراوحت بين 6،5 و 7،5 دينار للدولار حتى مطلع سبتمبر من العام نفسه وذلك نتيجة للإنتعاش النسبي لإيرادات النفط مقارنة بالسنة السابقة والتي ناهزت قيمتها من 24,549 مليار دولار إلى جانب ضخ قرابة 3،500 مليار دولار في شكل أرباب أسر، و لكن مع إقرار الإصلاحات الاقتصادية التي ارتكزت أساسا على ضخ الدولار في أوجه وأغراض مختلفة استعاد الدينار جزء أخر من قيمته إلى أن سجل 4،30 دينار للدولار في نهاية العام وعلى أثر ذلك تراجعت الأسعار قياسا بما كانت عليه في 2017 م كما إن ميزان المدفوعات سجل فائض قيمته 5،413 مليار دولار وهو الأول منذ سنوات لكن من جانب أخر ارتفع المعروض النقدي بشقيه أكثر حيث بلغ 34،732 مليار د.ل خارج النظام المصرفي و بلغ 78،223 مليار د.ل .

10-في 2019 م حافظ الدينار تقريبا على قيمته التي تراوحت في الغالب بين 4،10 و 4،30 دينار للدولار والسبب هو إنتعاش الإيرادات النفطية رغم انخفاضها عن العام 2018 م حيث بلغت قرابة 23،419 مليار دولار إلى جانب السياسة التوسعية التي اتبعها المركزي في ضخ الدولار تنفيذا لبرنامج الإصلاح حيث بلغت المدفوعات الدولارية قرابة 24،602 مليار دولار مسجلا بذلك عجزا في ميزان المدفوعات قدره 1،173مليار دولار مع ملاحظة ان هذه المدفوعات تضمنت مبلغ 7،000 مليار دولار كمخصصات لأرباب الأسر و بالتأكيد ساهمت هذه المخصصات حينها في صمود الدينار و في الجانب الأخر تزايد المعروض النقدي أكثر بشقيه حيث بلغت قيمته خارج النظام المصرفي 36،724 مليار د.ل في حين بلغت قيمته 68،651 مليار د.ل بداخله ورغم ضخامة المعروض سيما خارج النظام المصرفي إلا إن أزمة السيولة النقدية خلال العام الجاري انخفضت حدتها و ذلك نتيجة للتوسع في بيع الدولار في إطار ما يعرف بالإصلاح الاقتصادي.

واليوم و في ظل الظروف الراهنة و الاخذ في الإعتبار العوامل المشار إليها سلفا فإن سعر الدولار يبدو يتجه للصعود فاليوم لا صادرات نفطية ولا أرباب أسر والإحتياطي الأجنبي في تراجع مستمر والعجز متزايد في ميزان المدفوعات ولا تخفيض لضريبة النقد الأجنبي بل من المحتمل زياداتها وتفاقم أزمة السيولة أصبح يلوح في الأفق كما تبقى حالة عدم اليقين التي تعيشها البلاد جراء الحروب والإنقسام السياسي سيدة الموقف مع ملاحظة إن تفشي وباء كورونا ساهم اليوم في الحد من ارتفاع الدولار و نهاية هذا وباء الكورونا تعني العكس.

ونظرا لخطورة الوضع الاقتصادي الليبي اليوم فسعر الدولار وكما هو معروف مؤشر لقياس معدلات التضخم ومتوسط دخول المواطنين ومستوى معيشتهم كما إنه أداة لقياس مدى قوة أو ضعف اقتصاد البلاد من عدمه سيما وإنها مستوردة وليس مصدرة.

فعليه فالأمر يتطلب ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية جدرية حقيقية هيكلية فالأزمة اليوم لم تعد ظرفية بل هيكلية بإمتياز وهذه الإصلاحات يجب أن ترتكز على اعتماد حل سياسي شامل ينهيئ حالة الإنسداد والإنقسام ويرسئ الإستقرار في كافة ربوع البلاد وأي إصلاحات في ظل الوضع القائم ماهي إلا مزيدا من ضياع للوقت وإهدار لما تبقى من أموال.

الرسالة التي بجب أن تستوعبها حكوماتنا ومن يعتبرون أنفسهم اليوم ساسة ليبيا هي إن الاقتصاد فن وتحقيق رغبات أكثر في ظل موارد أقل عبر الإستخدام الأمثل لها وبالتأكيد ليس الاقتصاد اجتماعات هنا وهناك وشو إعلامي للتسويق لإنجازات وإصلاحات وهمية لا وجود لها إلا في مخيلة مسوقيها.

قد يهمك ايضا قراءة ما قاله على الحبري عن وصول سعر الدولار لـ10 دينار في رمضان المقال هنا

(Visited 170 times, 1 visits today)